للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هؤلاء المشركين: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾.

إذ كان جائزًا أن يكونَ بعضَ هؤلاء، ولم يَضَعِ اللَّهُ جلَّ وعزَّ لنا الدلالةَ على الذين عُنُوا منهم في كتابِه، ولا على لسانِ رسولِه ، والاختلافُ فيه موجودٌ على ما بَيَّنْتُ.

وقوله: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾. يقول جلَّ وعزَّ: أهؤلاء القائلون: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾. يا محمدُ، يَقْسِمون رحمةَ ربِّك بينَ خلقِه، فيجعَلون كرامتَه لمَن شاءوا، وفضلَه [عند مَن] (١) أرادوا، أم الله الذي يَقسِمُ ذلك، فيُعْطِيه مَن أحبَّ، ويحرِمُه مَن شاء؟

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا عثمانُ بن سعيدٍ، قال: ثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابن عباسٍ، قال: لما بَعَث الله محمدًا رسولًا، أنكَرتِ العربُ ذلك - أو مَن أنكر منهم - فقالوا: اللَّهُ أعظمُ مِن أن يكونَ رسولُه بشرًا مثلَ محمدٍ. قال: فأنزَل اللَّهُ ﷿: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ﴾ [يونسُ: ٢]، وقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي (٢) إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ [النحل: ٤٣]. يعنى: أهلَ الكتبِ الماضيةِ: أبشرًا كانت الرسلُ التي أَتَتْكم أم ملائكةً؟ فإن كانوا ملائكةً أتَتْكم، وإن كانوا بشرًا فلا تُنْكِروا أن يكونَ محمدٌ رسولًا، قال: ثم قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لمن".
(٢) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يوحى"، والمثبت قراءة حفص عن عاصم. وينظر ما تقدم في ١٤/ ٢٢٦.