للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإخلاصَ (١).

وقولُه: ﴿يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾. يقولُ: يخافون يومًا تتقَلَّبُ فيه القلوبُ مِن هَوْلِه، بينَ طمعٍ بالنجاةِ، وحَذَرٍ بالهلاكِ، ﴿وَالْأَبْصَارُ﴾: أيَّ ناحيةٍ يُؤْخَذُ بهم؛ أذاتَ اليمينِ أم ذاتَ الشمالِ؟ ومِن أينَ يُؤْتَوْن كُتُبَهم؛ أمِن قِبَلِ الأَيْمانِ أم مِن قِبَلِ الشَّمَائِل؟ وذلك يومُ القيامةِ.

كما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال عبدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ: قال: قال زيدُ بنُ أسلمَ في قولِ اللهِ: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ﴾ إلى قولِه: ﴿تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾: يومُ القيامةِ (٢).

وقولُه: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا﴾. يقولُ: فَعَلوا ذلك، يعنى أنهم لم تُلْهِهِم تجارةٌ ولا بيعٌ عن ذكرِ اللهِ، وأقاموا الصلاةَ، وآتَوُا الزكاةَ، وأطاعوا ربَّهم، مَخَافَةَ عذابِه يومَ القيامةِ؛ كى يثُيبَهم اللهُ يومَ القيامةِ بأحسنِ أعمالِهم التي عمِلوها في الدنيا، ويَزيدَهم على ثوابِه إياهم على أحسنِ أعمالِهم التي عمِلوها في الدنيا من فَضْلِه، فيَتَفَضَّلَ (٣) عليهم مِن عنده بما أحَبَّ مِن كرامتِه لهم.

وقولُه: ﴿وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: واللهُ يَتَفَضَّلُ على من شاءَ وأراد؛ مِن طَوْلِه وكرامتِه، مما لم يَسْتَحِقَّه بعملِه، ولم يَبْلُغْه بطاعتِه، ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. يقولُ: بغيرِ مُحَاسَبَةٍ على ما بذَل له وأعْطاه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٠٩ من طريق عبد الله به، وتقدم في ١١/ ٦٥٩.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٠٩ عن يونس به.
(٣) في م: "فيفضل".