للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسيرُ سورةِ "المنافقين"

القولُ في تأويلِ قولِه عزّ ذكرُه: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ يا محمدُ، ﴿قَالُوا﴾ بألسنتِهم: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾. قال المنافقون ذلك أو لم يقولوه، ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾. يقولُ: واللَّهُ يَشْهَدُ إن المنافقين لَكاذبون في إخبارِهم عن أنفسِهم أنها تَشْهَدُ إنك لرسولُ اللَّهِ، وذلك أنها لا تَعْتَقِدُ ذلك، ولا تُؤْمِنُ به، فهم كاذبون في خبرِهم عنها بذلك.

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ يقولُ (١) في قولِه: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾: إنما كذَّب ضميرَهم؛ لأنهم أضْمَروا النفاقَ، فكما لم يَقْبَلْ إيمانَهم وقد أظْهَروه، فكذلك جعَلهم كاذبين؛ لأنهم أضْمَروا غيرَ ما أظْهَروا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اتَّخَذ المنافقون أيمانَهم جُنَّةً، وهي حَلِفُهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾. أي: حلِفَهم جُنَّةً.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني


(١) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ١٥٨.