يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ يا محمدُ، ﴿قَالُوا﴾ بألسنتِهم: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾. قال المنافقون ذلك أو لم يقولوه، ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾. يقولُ: واللَّهُ يَشْهَدُ إن المنافقين لَكاذبون في إخبارِهم عن أنفسِهم أنها تَشْهَدُ إنك لرسولُ اللَّهِ، وذلك أنها لا تَعْتَقِدُ ذلك، ولا تُؤْمِنُ به، فهم كاذبون في خبرِهم عنها بذلك.
وكان بعضُ أهلِ العربيةِ يقولُ (١) في قولِه: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾: إنما كذَّب ضميرَهم؛ لأنهم أضْمَروا النفاقَ، فكما لم يَقْبَلْ إيمانَهم وقد أظْهَروه، فكذلك جعَلهم كاذبين؛ لأنهم أضْمَروا غيرَ ما أظْهَروا.