قال أبو جعفرٍ: وأولَى القولَين في ذلك بالصوابِ قولُ مجاهدٍ، [وأنه](١) غيرُ منسوخٍ؛ لاحتمالِه: أن تَعْتَدوا الحقَّ فيما أَمَرْتُكم به. وإذا احْتَمل ذلك، لم يَجُزْ أن يُقالَ: هو منسوخٌ. إلا بحجةٍ يَجِبُ التسليمُ لها.
قال أبو جعفرٍ ﵀: يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾: ولْيُعِنْ بعضُكم بعضًا أَيُّها المؤمنون على البرِّ، وهو العملُ بما أمَر اللهُ بالعملِ به، والتقوى هو اتَّقاءُ ما أمَر اللهُ باتِّقائِه واجْتِنابِه مِن مَعاصِيه.
وقولُه: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ يعنى: ولا يُعِنْ بعضُكم بعضًا على الإثمِ. يعني: على تركِ ما أمَرَكم اللهُ بفعلِه ﴿وَالْعُدْوَانِ﴾، يقولُ: ولا على أن تَتَجاوزوا ما حدَّ اللهُ لكم في دينِكم، وفرَض لكم في أنفسِكم وفي غيرِكم.
وإنما معنى الكلامِ: ولا يَجْرِمَنَّكُم شَنَآنُ قومٍ أن صَدُّوكم عن المسجدِ الحرامِ أن تَعْتَدوا، ولكن لِيُعنْ بعضُكم بعضًا بالأمرِ بالانتهاءِ إلى ما حدَّه اللهُ لكم في القومِ الذين صدُّوكم عن المسجدِ الحرامِ، وفى غيرِهم، والانتهاءِ عما نهاكم اللهُ أن تَأْتوا فيهم وفى غيرِهم، وفى سائرِ ما نهاكم عنه، ولا يُعِنْ بعضُكم بعضًا على خلافِ ذلك.
وبما قلْنا في "البرِّ والتقوَى" قال أهلُ التأويلِ.
حدَّثني المثنى، قال: أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾. قال: