للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾: يذكُرُ القرآنَ بأحسنِ الذكرِ، ويُثْنى عليه بأحسنِ الثناءِ (١).

وقوله: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾. يقولُ: وما تفرَّق اليهودُ والنصارى في أمرِ محمدٍ ، فكذَّبوا به، ﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾. يعنى: من بعدِ ما جاءت هؤلاء اليهودَ والنصارى ﴿الْبَيِّنَةُ﴾. يعنى: بيانُ أمرِ محمدٍ أنه رسولٌ بإرسالِ اللَّهِ إيَّاه إلى خَلْقِه. يقولُ: فلما بعَثه اللَّهُ تفرَّقوا فيه، فكذَّب به بعضُهم، وآمن بعضُهم، وقد كانوا قبلَ أنْ يُبْعَثَ غيرَ مُتفرِّقين فيه أنه نبيٌّ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)﴾.

يقول تعالى ذكره: وما أمَر اللَّهِ هؤلاء اليهودَ والنصارى الذين هم أهلُ الكتابِ، إلَّا أن يعبدوا اللَّهَ ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. يقولُ: مُفْرِدين له الطاعةَ، لا يَخْلِطون طاعتَهم ربَّهم بشركٍ. فأشرَكت اليهودُ بربِّها بقولهم: إنَّ عزيرًا ابنُ اللَّهِ. والنصارى بقولهم في المسيح مثلَ ذلك، وجحودهم نبوَّةَ محمدٍ .

وقوله: ﴿حُنَفَاءَ﴾. وقد مضَى بيانُنا معنى "الحنيفيِّةِ" قبلُ بشواهدِه المُغْنيةِ عن إعادتها (٢)، غير أنَّا نذكُرُ بعض ما لم نذكُرْ قبلُ مِن الأخبارِ في ذلك.


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٤٧٦، وهو تمام الأثر المتقدم في الصفحة السابقة، وليس هذا اللفظ في تفسير عبد الرزاق.
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٥٩١ - ٥٩٥.