حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾. أي: هذا القرآنُ.
حدَّثني يونس، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ﴾. قال: لم يكونوا منتهين حتى يأتيهم، ذلك المنفَكُّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك أنَّ أهلَ الكتابِ وهم المشركون، لم يكونوا تاركين صفةً محمدٍ في كتابهم حتى بُعِث، فلما بُعِث تفرَّقوا فيه.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحةِ أنْ يقالَ: معنى ذلك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين متفرقين في أمر محمدٍ، حتى تأتيهم البيِّنةُ - وهى إرسالُ اللَّهِ إيَّاه رسولا إلى خَلْقِه - رسولٌ مِن اللَّهِ.
وقولُه: ﴿مُنْفَكِّينَ﴾. في هذا الموضعِ عندى مِن انفكاكِ الشيئين أحدِهما مِن الآخرِ، ولذلك صَلَحَ بغيرِ خبرٍ، ولو كان بمعنى "ما زال"، احتاج إلى خبرٍ يكونُ تمامًا له.
واستُؤنف قولُه: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ﴾. وهى نكرةٌ، على (البيِّنةِ) وهى معرفةٌ، كما قيل: ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ﴾ [البروج: ١٥]. فقال: حتى يأتيَهم بيانُ أمرِ محمدٍ أنه رسولُ اللَّهِ، ببَعثةِ اللَّهِ إيَّاه إليهم. ثم تَرْجَم عن البيِّنةِ، فقال: تلك البيِّنةُ ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً﴾. يقولُ: يقرأُ صحفًا مطهَّرةً مِن الباطل.
﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾. يقولُ: في الصحفِ المطهرةِ كتبٌ مِن اللهِ قيِّمةٌ عادلةٌ مستقيمةٌ، ليس فيها خطأٌ؛ لأنها مِن عند اللَّهِ.