للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمد بن الحسينِ، قال: ثنا أحمد بن المفضَّلِ، قال: ثنا أسباط، عن السُّديِّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَرُوا﴾. يقولُ: إذا زَلُّوا تابُوا (١).

قال أبو جعفر: وهذان التأويلانِ متقاربا المعنَى؛ لأن الغضب من استزلالِ الشيطانِ، واللَّمَّةُ من الخطيئة أيضًا منه، وكلُّ (٢) ذلك من طائف الشيطان. وإذ كان ذلك كذلك، فلا وجه الخصوص معنًى منه دونَ معنى، بل الصواب أن يعُمَّ كما عمَّه جلّ ثناؤه، فيقالَ: إن الذين اتقوا إذا عرَض لهم عارضٌ من أسباب الشيطان - ما كان ذلك العارض - تذكروا أمرَ اللَّهِ، وانتهَوا إلى أمرِه.

وأما قوله: ﴿فَإِذَا هُم مُبْصِرُونَ﴾. فإنه يعنى: فإذا هم مبصرون هدى الله وبيانه وطاعته فيه، فمنتهون (٣) عما دعاهم إليه طائف الشيطان.

كما حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ﴿فَإِذَا هُم مُبْصِرُونَ﴾. يقول: إذا هم منتهون عن المعصيةِ، آخذون بأمرِ اللهِ، عاصونَ للشيطان (٤).

القول في تأويل قوله: ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)﴾.

يقول تعالى ذكره: وإخوان الشياطين تمدُّهم الشياطين في الغَيِّ، يعنى بقوله: ﴿يَمُدُّونَهُمْ﴾: يزيدونَهم، ثم لا [يَنقُصون عما نقص] (٥) عنه الذين اتقوا إذا مسَّهمْ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٤١ من طريق أحمد بن مفضل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٥٥ إلى أبي الشيخ.
(٢) في النسخ: "كان". والمثبت هو الصواب. وينظر تعليق الشيخ شاكر ١٣/ ٣٣٧.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "فمشهود". وفى س: "فينتهوا".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٤١ بهذا الإسناد مثله.
(٥) في م: "يقصرون عما قصر". وينظر البحر المحيط ٤/ ٤٥١.