للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما وصَفنا وبيَّنا، لَدليلًا واضحًا وعبرةً لقوم يعقِلون اختلافَ ذلك، أن الذي خالَف بينَه على هذا النحو الذي خالَف بينَه - هو المخالفُ بين خلقِه فيما قسَم لهم من هدايةٍ وضلالٍ، وتوفيقٍ وخذلانٍ، فوفَّق هذا وخذَل هذا، وهدَى ذا وأضلَّ ذا، ولو شاء لسوَّى بين جميعهم، كما لو شاء سوَّى بينَ جميعِ أُكُل ثمارِ الجنةِ التي تشرَبُ شِرْبًا واحدًا، وتُسقَى سِقيًا واحدًا، وهى متفاضلةٌ في الأُكُل.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإن تَعجَبْ يا محمدُ من هؤلاء المشركين المتخذين ما لا يَضُرُّ ولا ينفَعُ آلهةً يَعْبُدُونها من دونى، فَعَجَبٌ قولُهم: أئذا كنا ترابًا وبَلِينا فعُدِمنا، ﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾: إنا لمجدَّدٌ إنشاؤُنا وإعادتُنا خلقًا جديدًا كما كنا قبلَ وفاتِنا؟ تكذيبًا منهم بقدرةِ اللهِ، وجحودًا للثوابِ والعقابِ، والبعثِ بعد المماتِ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ﴾: إن عجِبتَ يا محمدُ فعجبٌ قولُهم: ﴿أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾. عجب الرحمنُ من تكذيبِهم بالبعثِ بعدَ الموتِ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا [ابن وهبٍ] (٤)، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ


(١) ليست في ص، م، ت ٢، س، ف.
(٢) في ص، ت ٢، س: "إنا".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢٢١ (١٢١٢٩) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٤٤ إلى أبي الشيخ.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "إبراهيم".