للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ مِن القرأةِ، مُتَقارِبنا المعنى، وذلك أن الله إذ فصَّلها وبيَّنها، صارت مُبَيِّنَةٌ بنفسِها الحقَّ لمن الْتَمَسَه مِن قِبَلِها، وإذا بيَّنَت ذلك لمن الْتَمَسَه مِن قِبَلِها، فبتبيينِ (١) اللهِ ذلك فيها، فبأيِّ القراءتين قرَأ القارئُ فمصيبٌ في قراءِته الصوابَ.

وقولُه: ﴿وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. [يقولُ: ومثلًا من الذين مضَوا قبلَكم] (٢) مِن الأممِ، وموعظةً لمن اتَّقَى الله، فخاف عقابَه وخشِى عذابَه.

القول في تأويلِ قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾: هادى مَن في السماواتِ والأرضِ، فهم بنورِه إلى الحقِّ يَهْتَدون، وبهداه مِن حَيْرةِ (٣) الضَّلالة يَعْتَصِمون.

واختلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم فيه نحوَ الذي قلنا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: اللهُ سبحانَه هادى أهلِ السماواتِ


(١) في م: "فيبين".
(٢) سقط من: م، ت ١، ف.
(٣) في ت ٢: "حيمة".