للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أم يقولُ هؤلاء المُشرِكون: تقوَّل محمدٌ هذا القرآنَ وتَخلَّقَه.

وقولُه: ﴿بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: كذَبُوا فيما قالوا من ذلك، بل لا يُؤمنون فيصدِّقوا بالحقِّ الذي جاءهم مِن عندِ ربِّهم.

وقولُه: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ﴾. يقولُ: جلَّ ثناؤُه: فليأتِ قائلو ذلك له مِنَ المُشرِكين بقرآنٍ مثلِه، فإنَّهم من أهلِ لسانِ محمدٍ، ولن يتعذَّرَ عليهم أن يأتوا من ذلك بمثلِ الذي أتَى به محمدٌ، إن كانوا صادقين في أن محمدًا تقوَّلَه وتَخلَّقَه.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: أَخُلِق هؤلاء المُشرِكون مِن غيرِ (١) آباءٍ ولا أمَّهاتٍ، فهم كالجمادِ لا يَعقِلُون ولا يَفقَهون (٢) للَّهِ حجةً، ولا يعتَبِرون له بعبرةٍ، ولا يتَّعِظون بموعظةٍ؟

وقد قيل: إن معنى ذلك: أم خُلِقوا لغيرِ شيءٍ؟ كقولِ القائلِ: فعَلتُ كذا وكذا من غيرِ شيءٍ. بمعنى: لغيرِ شيءٍ.

وقولُه: ﴿أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ﴾ يقولُ: أم هم الخالِقون هذا الخَلْقَ، فهم لذلك لا يأتمِرون لأمرِ اللَّهِ، ولا ينتَهون عمَّا نهاهم عنه؛ لأنَّ للخالقِ الأمرَ والنَّهيَ؟ ﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾. يقولُ: أَخَلقوا السماواتِ والأرضَ، فيكونوا هم الخالقين؟ وإنما معنَى ذلك: لم يَخلُقوا السماواتِ والأَرضَ. ﴿بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾. يقولُ: لم يترُكوا أن يأتَمِروا لأمرِ ربِّهم، وينتَهوا إلى طاعتِه فيما أمَر


(١) بعده في ص، م، ت ٢، ت ٣: "شيء أي من غير".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يفهمون".