للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأولو الأرحامِ الذين وَرَّثْتُ بعضَهم مِن بعضِ هم أَولى بميراثِ بعضٍ من المؤمنين والمهاجرين أن يَرِثَ بعضُهم بعضًا، بالهجرةِ والإيمانِ دونَ الرحمِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾: لبِث المسلمون زمانًا يَتَوارَثون بالهجرةِ، والأعرابيُّ المسلمُ لا يَرِثُ من المهاجرين شيئًا، فأنْزَل اللهُ هذه الآيةَ، فخلَط المؤمنين بعضَهم ببعضٍ، فصارت المواريتُ بالمِللِ (١).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾. قال: كان النبيُّ قد آخَى بين المهاجرين والأنصارِ أولَ ما كانت الهجرةُ، وكانوا يَتَوارَثون على ذلك، وقال اللهُ: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ (٢) أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء: ٣٣]. قال: إذا لم يَأْتِ رَحِمٌ لهذا يَحولُ دونهم. قال: فكان هذا أوَّلًا. فقال الله: ﴿إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا﴾. يقولُ: إلا أن تُوصُوا لهم: ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا﴾؛ أن أُولى الأرحامِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٣ إلى المصنف، وقد تقدم الأثر في ١١/ ٢٩٢ بنحوه.
(٢) في ت ١، ت ٢: "عاقدت". وينظر ما تقدم في ٦/ ٦٧٣، ٦٧٤.