للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذُكِر أنه في مصحفِ عبدِ اللَّهِ بغير أَلِفٍ (١).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أنهما قراءتان معروفتان، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ؛ لصحتِهما في الإعرابِ والمعنى.

وقد بيَّنا قصةَ ثمودَ وسببَ هلاكِها فيما مضَى، بما أَغْنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: وأنه أهلَك قومَ نوحٍ قبلَ عادٍ وثمودَ، إنهم كانوا هم أشدَّ ظلمًا لأنفسِهم، وأعظمَ كفرًا بربِّهم، وأشدَّ طُغْيانًا وتمرُّدًا على اللَّهِ مِن الذين أهلَكهم مِن بعدِهم (٣) مِن الأممِ.

وكان طُغْيانُهم الذي وصَفهم اللَّهُ به (٤) أنهم كانوا بذلك أكثرَ طُغْيانًا [على ربِّهم] (٥) مِن الأممِ، كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾: لم يكنْ قَبِيلٌ مِن الناسِ هم أظلمَ وأَطْغى مِن قومِ نوحٍ، دعاهم نبيُّ اللَّهِ نوحٌ ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا، كلما هلَك قرنٌ نشَأ قرنٌ دعاهم نبيُّ اللهِ، حتى ذُكِر لنا أنَّ الرجلَ كان يأخُذُ بيدِ ابنِه فيمْشِي به فيقولُ: يا بُنيَّ، إنَّ أبي قد مَشَى بي إلى هذا وأنا مثلُك يومَئذٍ. تتايُعًا (٦) في


(١) المصاحف لابن أبي داود ص ٧١.
(٢) تقدم في ١٠/ ٢٨٢، وما بعدها، ١٢/ ٤٥٢ وما بعدها.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعد".
(٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "من غيرهم".
(٦) التتايع: الوقوع في الشر من غير فكرة ولا روية والمتابعة عليه ولا يكون في الخير. النهاية ١/ ٢٠٢.