وفى هذه الآيةِ دَلالةٌ على أن الذين صَدُّوا عما أنزَل الله على محمدٍ ﷺ، من يهودِ بني إسرائيلَ الذين كانوا حوالَىْ مُهاجرِ رسولِ الله ﷺ، إنما رُفِع عنهم وعبدُ اللهُ الذي تَوَعَّدَهم به في قولِه: ﴿آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾. في الدنيا، وأُخِّرت عقوبتُهم إلى يومِ القيامةِ؛ لإيمانِ مَن آمَن منهم، [وأن الوعيدَ لهم مِن اللهِ بتعجيلِ](١) العقوبةِ في الدنيا إنما كان على مُقامِ جميعِهم على الكفرِ بما أنزَل اللهُ على نبيِّه محمدٍ ﷺ، فلما آمَن بعضُهم خرَجوا مِن الوعيدِ الذي توعَّده في عاجلِ الدنيا، وأخِّرت عقوبةُ المقيمين على التكذيبِ إلى الآخرةِ، فقال لهم: كفاكم بجهنمَ سعيرًا.
وقيل: ﴿سَعِيرًا﴾. وأصلُه "مَسْعُورا"، من: سُعِرتْ تُسْعَرُ فهي مَسْعُورةٌ، كما قال الله جلَّ ثناؤه: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ [التكوير: ١٢]. ولكنها صُرِفت إلى فَعيلٍ، كما قيل: كفٌّ خَضِيبٌ ولحيةٌ دَهِينٌ. بمعنى: مَخْضُبةٌ ومَدْهونةٌ.