للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسولَ اللهِ، وإنَّ القلوبَ لَتُقَلَّبُ؟ قال: "نعم، ما مِن خلقِ اللهِ مِن بني آدمَ بشرٌ إلا أن قلبَه بين إصْبَعَين من أصابعِ اللهِ، إن شاء أقامَه، وإن شاء أزاغَه، فنَسألُ الله رَبَّنَا أَلا يُزِيغَ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسألُه أنْ يَهَب لنا من لَدُنْه رحمةً، إنه هو الوهّابُ (١) ".

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩)﴾.

يَعنى بذلك جل ثناؤُه أنهم يقولون أيضًا - مع قولِهم: آمنَّا بما تشابَهَ من آيِ (٢) كتابِ ربِّنا؛ كلُّ (٣) المُحْكَمِ والمتشابِهِ الذي فيه من عندِ ربِّنا -: يا ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.

وهذا من الكلامِ الذي اسْتُغْنى بذكرِ ما ذُكِرَ منه عمّا تُرِك ذكرُه. وذلك أن معنَى الكلامِ: ربَّنا إِنَّك جامعُ الناسِ ليومِ القيامة، فاغفِرْ لنا يومئذٍ، واعفُ عنَّا، فإنك لا تُخْلِفُ وَعْدَك أنَّ مَن آمَن بك، واتَّبع رسولَك، وعمِل بالذي أمرْتَه به في كتابِك، أنَّك غافرُه يومئذٍ.

وإنما هذا من القومِ مسألةٌ ربَّهم أن يُثَبِّتَهم على ما هم عليه من حُسْنِ نُصْرَتِهم (٤) بالإيمانِ باللهِ ورسولِه، وما جاءهم به من تنزيلِه، حتى يَقْبِضَهم على أحسنِ أعمالِهم وإيمانِهم، فإنه إذا فعَل ذلك بهم وجَب لهم الجنةُ؛ لأنه قد وعَد مَن فعَل ذلك به من عبادِه (٥) أنَّه يُدْخِلُه الجنةَ. فالآيةُ وإن كانت قد خرَجتْ مَخْرَجَ الخبرِ، فإنَّ تأويلَها من


(١) في ت ١، س: "التواب". وينظر ما تقدم في ص ٢٢٩، ٢٣٠.
(٢) بعده في س: "القرآن".
(٣) في س: "كله".
(٤) كذا في م، ت ١، ت ٢، س، وغير منقوطة في ص، ولعل الصواب: بصيرتُهم.
(٥) في ص، ت ١: "عبادته".