للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا في ذلك قولُه: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾. [والآيةُ] (١) التي بعدها: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النساء: ١٤].

فتأويلُ الآية إذن: هذه القسمةُ التي قسَم بينكم أيُّها الناسُ عليها ربُّكم مواريث موتاكم، فصولٌ فصَل بها لكم بيَن طاعتِه ومعصيتِه، وحدودٌ لكم تنتهون إليها، فلا تَتَعَدَّوْها؛ ليعلَمَ (٢) منكم أهلَ طاعتِه مِن أهل معصيته، فيما أمَركم به مِن قسمةِ مواريثِ موتاكم بينَكم، وفيما نهاكم عنه منها. ثم أَخْبَر جَلَّ ثناؤُه عمَّا أعدَّ لكلِّ فريقٍ منهم، فقال لفريق أهلِ طاعتِه في ذلك: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في العملِ بما أمَره به، والانتهاء إلى ما حدَّه له، في قسمة المواريثِ وغيرها، ويَجْتَنِبُ ما نهاه عنه في ذلك وغيره، ﴿يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. فقوله: ﴿يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ﴾. يعني: بساتين تَجْري من تحتِ غُروسِها وأشجارها الأنهارُ، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقولُ: باقين فيها أبدًا، لا يموتون فيها، ولا يَفْنَوْن، ولا يخرُجون منها، ﴿وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. يقولُ: وإدخالُ الله إياهم الجِنانَ التي وصَفها على ما وصَف مِن ذلك، ﴿الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. يعنى: الفَلْجُ العظيمُ.

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حجَّاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن


(١) في النسخ: "الآية". والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٢) في ص: "سلم" كذا بغير إعجام، وفى م: "وفصل"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "فسلم"، وفى س: "بينكم"، والمثبت هو الصواب.