للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصَف، وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يَتَعاقَبان عليكم، أيُّها الناسُ، بالليلِ والنهارِ؛ لصلاحِ أنفسِكم ومعَاشِكم، دائبين في اختلافِهما عليكم.

وقيل: معناه أنهما دائِبان في طاعةِ اللهِ.

حدَّثنا خلفُ بنُ واصلٍ، عن رجلٍ، عن مُقاتِلِ بن حَيَّانَ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ﴾. قال: دُءُوبُهما في طاعةِ اللهِ (١).

وقولُه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ﴾: يَخْتَلِفان عليكم باعْتِقابٍ، إذا ذهَب هذا جاء هذا، [وإذا ذهَب هذا جاء هذا] (٢)، بمنافعِكم وصلاحِ أسبابِكم، فهذا لكم لتصرُّفِكم فيه لمعَاشِكم، وهذا لكم للسَّكَنِ، تَسْكُنون فيه، ورحمةٌ منه بكم.

القولُ في تأويلِ قوله ﷿: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأعْطاكم - مع إنعامه عليكم بما أنْعَم به عليكم؛ مِن تسخيرِ هذه الأشياءِ التي سخَّرها لكم، والرزقِ الذي رزقَكم من نباتِ الأرضِ وغروسِها - من كلِّ شيءٍ سَأَلْتُموه ورغِبْتُم إليه شيئًا. وحذَف الشيءَ الثانيَ اكْتِفاءً بـ "ما" التي أُضِيفَت إليها "كلِّ"، وإنما جاز حذفُه؛ لأن "مِنَ" تُبَعِّضُ ما بعدَها، فكفَتْ بدَلالِتها على التبعيضِ من المفعولِ، فلذلك جاز حذفُه، ومثلُه قولُه تعالى: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣]. يعنى به: وأُوتِيَت من كلِّ شيءٍ في زمانِها شيئًا.


(١) ذكره البغوي ٤/ ٣٥٣ عن ابن عباس به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٥ إلى المصنف.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ف.