للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْطَاكِيَةَ، فبادُوا عن وجهِ الأرضِ، فلم تَبْقَ (١) منهم باقيةٌ (٢).

وهذا القولُ الثاني أولى التأويلين بتأويلِ الآية، وذلك أن الرسالةَ لا يقالُ لها جُنْدٌ، إلا أن يكونَ أراد مجاهدٌ بذلك الرسلَ، فيكون وجهًا، وإن كان أيضًا من المفهومِ بظاهرِ الآيةِ بعيدًا، وذلك أن الرسلَ من بنى آدمَ لا يُنْزَلون من السماءِ، والخبرُ في ظاهرِ هذه الآيةِ عن أنه لم يُنْزِلْ من السماءِ بعدَ مَهْلِكِ هذا المؤمنِ على قومِه جندًا، وذلك بالملائكةِ أشبهُ منه بينى آدمَ.

وقوله: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾. يقولُ: ما كانت هَلَكَتُهم إلا صيحةً واحدةً، أنزلها اللهُ من السماءِ عليهم.

واختَلَفت القَرَأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقَرَأته عامةُ قَرَأةِ الأمصارِ: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾، نصبًا على التأويلِ الذي ذكرتُ، وأنّ في ﴿كَانَتْ﴾ مضمرًا، وذُكِر عن أبي جعفرٍ المدنيِّ أنه قرَأه (إلا صيحةٌ واحدةٌ) رفعًا على أنها مرفوعةٌ بـ "كان"، ولا مضمَرَ في "كان" (٣).

والصوابُ مِن القراءة في ذلك عندى النَّصْبُ (٤)؛ لإجماعِ الحجةِ على ذلك، [وعلى أن في "كانت" مضمرًا] (٥).

وقولُه: ﴿فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ﴾. يقولُ: فإذا هم هالِكون.

القولُ في تأويلِ قوله ﷿: ﴿يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠)﴾.


(١) في ت ١، والتاريخ: "يبق".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٢٠، ٢١.
(٣) ينظر النشر ٢/ ٢٦٤.
(٤) قراءة الرفع والنصب كلتاهما صواب.
(٥) سقط من: الأصل.