للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله الذي ابتعث به رسولَه، وصدِّهم الناسَ عنه بألسنتهم، أن يُبطلوه، وهو النورُ الذي جَعَله الله لخلقه ضياءً، ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ﴾: يَعْلَو دينُه، وتَظْهَرَ كلمتُه، ويُتِمَّ الحقَّ الذي بعث به رسوله محمدًا ، ﴿وَلَوْ كَرِهَ﴾ إتمام الله إيَّاه، ﴿الكَافِرُونَ﴾. يعني: جاحِدِيه المُكَذِّبِين به.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمد بن الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفضَّل، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيّ: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾. يقولُ: يُريدون أن يُطفئوا الإسلام بكلامهم (١).

القول في تأويل قوله: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)﴾.

يقول تعالى ذكره: اللَّهُ الذي يأبَى إلا إتمام دينه ولو كره ذلك جاحدوه ومُنْكِروه - ﴿الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ﴾ محمدا ، ﴿بِالْهُدَى﴾. يعني: ببيان فرائض الله على خلقِه، وجميع اللازم لهم، وبـ ﴿وَدِينِ الْحَقِّ﴾، وهو الإسلامُ، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾. يقولُ: ليغلي الإسلام على المِلَلِ كلِّها، ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ باللهِ ظهوره عليها.

وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾؛ فقال بعضُهم: ذلك عندَ خُرُوجِ عيسى، حينَ تَصِيرُ الملل كلُّها واحدة.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٨٥ من طريق أحمد بن مفضل به.