للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ﴾ قال: أخبارِكم (١).

وقَرأت قرأةُ الأمصارِ جميعًا سِوى عاصمٍ الجَحْدَرى: ﴿يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ﴾. بمعنى: يَسْألون مَن قَدِم عليهم مِن الناسِ، عن أنباءِ عَسْكرِكم وأخْبارِكم. وذُكر عن عاصمٍ الجَحْدَرِيِّ أنه كان يقرَأُ ذلك: (يَسَّاءَلُونَ) بتَشْدِيدِ "السين"، بمعنى: يَتْساءلون: أي يسألُ بعضُهم بعضًا عن ذلك (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا: ما عليه قرأةُ الأمصارِ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ مِن القرأةِ عليه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)﴾.

اختَلفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿أُسْوَةٌ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الأمصارِ: (إِسْوَةٌ) بكسرِ "الألف (٣) "، خَلا عاصمَ بنَ أبي النَّجودِ؛ فإنه قرَأه بالضَّمِّ: ﴿أُسْوَةٌ﴾ (٤). وكان يحيى بنُ وَثَّابٍ يقرأُ هذه بالكسرِ، ويقرأُ قولَه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ﴾. [الممتحنة: ٦] بالضمِّ، وهما لغتان، وذُكِر أن الكسرَ في أهلِ


(١) تفسير مجاهد ص ٥٤٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٩ إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) القراءة شاذة، ينظر البحر المحيط ٧/ ٢٢١.
(٣) هي قراءة نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وحمزة والكسائي، السبعة لابن مجاهد ص ٥٢١.
(٤) السبعة لابن مجاهد ص ٥٢٠.