للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وكان اللهُ بأعمالِكم وأعمالِهم بصيرًا، لا يَخْفَى عليه منها شيءٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٢٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء المشركون مِن قريشٍ هم الذين جحَدوا توحيدَ اللهُ، وصدُّوكم أيُّها المؤمنون باللهِ عن دخولِ المسجدِ الحرامِ، وصدُّوا الهَدىَ ﴿مَعْكُوفًا﴾. يقولُ: محبوسًا عن أن يَبْلُغَ مَحِلَّه. فموضعُ "أن" نصبٌ؛ لتعلُّقِه إن شئت بـ "معكوفٍ"، وإن شئتَ بـ "صدوا". وكان بعضُ نحويي البصرةِ يقولُ في ذلك: وصدُّوا الهدىَ معكوفًا، كراهية أن يَبْلُغَ مَحِلَّه.

وعُنِى بقولِه تعالى ذكرُه: ﴿أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾: أَن يَبْلُغَ مَحِلَّ نحرِه. وذلك دخولُ الحرمِ، والموضعُ الذي إذا (١) صار إليه حَلَّ نحرُه، وكان رسولُ اللَّهِ ساق معه حينَ خرَج إلى مكةَ في سَفْرته تلك سبعين بدنةً.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن محمدِ بن مسلمٍ الزهريِّ، عن عروةَ بن الزبيرِ، عن المِسْوَرِ بن مَحْرَمةً ومَرْوانَ بن الحكمِ، أنهما حدَّثاه قالا: خرَج رسولُ اللهِ عامَ الحديبيةِ يُرِيدُ زيارةَ البيتِ، لا يُرِيدُ قتالًا، وساق (٢) معه سبعين بَدَنةً، وكان الناسُ سبعمائةِ


(١) سقط مِن: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) بعده في م: "الهدى".