للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عهدٌ؟ هل لكم عليَّ ذمةٌ؟ " قالوا: لا. فأَرْسَلَهم، فأنْزَل اللهُ في ذلك القرآنَ: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ إلى قولِه: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا﴾ (١).

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثنا به ابن حميد، قال: ثنا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن جعفرٍ، عن ابن أَبْزَى، قال: لمَّا خرَج النبي بالهَدْي وانْتَهَى إلى ذي الحُلَيفةِ، قال له عمرُ: يا نبيَّ اللَّهِ، تَدْخُلُ على قومٍ لك حربٌ بغيرِ سلاحٍ ولا كُراعٍ (٢)؟ قال: فبعَث إلى المدينةِ، فلم يَدَعْ بها كُراعًا ولا سلاحًا إلا حمَله، فلمَّا دنا مِن مكةَ منَعوه أن يَدْخُلَ، فسار حتى أتَى مِنًى، فنزَل بمنًى، فأتاه عَيْنُه أن عكرمةَ بنَ أبي جهلٍ قد خرَج عليك (٣) في خمسمائةٍ، فقال لخالدِ بن الوليدِ: "يا خالدُ، هذا ابن عمِّك قد أتاك في الخيلِ". فقال خالدٌ: أنا سيفُ اللَّهِ وسيفُ رسولِه - فيومئذٍ سُمِّى سيفَ اللَّهِ - يا رسولَ اللهِ، ارْمِ بي حيث شئتَ. فبعَثه على خيلٍ، فلقِى عكرمَة في الشَّعْبِ، فهزَمه حتى أدْخَله حِيطانَ مكةَ، ثم عاد في الثانيةِ، فهزمه حتى أدْخَله حيطان مكةَ، ثم عاد في الثالثة، فهزمه (٤) حتى أدْخَله حيطان مكةَ، فأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ إلى قوله: ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾. قال: فكفَّ اللَّهُ النبيَّ عنهم مِن بعد أن أظْفَره عليهم؛ لبَقايا مِن المسلمين كانوا بقُوا فيها مِن بعدِ أن أظْفَره عليهم، كراهيةَ أن تَطَأَهم الخيلُ بغيرِ علمٍ (٥).


أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٦٣٠. وأخرجه عبد بن حميد - كما في الإصابة ٢/ ٥٧٠ - من طريق شيبان عن قتادة.
(٢) الكراع: اسم يجمع الخيل والسلاح. الوسيط (ك ر ع).
(٣) في م: "علينا".
(٤) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٣.
(٥) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٦٢٢، ٦٢٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٧٨ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.