للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾: اليومَ أكمَلتُ لكم أيُّها المؤمنون فرائِضى عليكم وحدودى، وأمرى إياكم ونَهْيى، وحلالى وحرامى، وتَنْزيلى مِن ذلك ما أَنْزَلتُ منه في كتابي، وتِبْياني ما بَيَّنْتُ لكم منه بوحيى على لسانِ رسولى، والأدلةِ التي نَصَبتُها لكم على جميعِ ما بكم الحاجةُ إليه مِن أمرِ دينِكم، فأتْمَمْتُ لكم جميعَ ذلك، فلا زيادةَ فيه بعدَ هذا اليومِ. قالوا: وكان ذلك في يومِ عرفةَ، عامَ حجَّ النبيُّ حَجَّةَ الوداعِ. قالوا: ولم يَنْزِلْ على النبيِّ بعدَ هذه الآيةِ شيءٌ مِن الفرائضِ، ولا تحليلُ شيءٍ ولا تحريمُه، وأن النبيَّ لم يَعِشْ بعدَ نزولِ هذه الآيةِ إلا إحدى وثمانين ليلةً.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾: وهو الإسلامُ. قال: أخبرَ اللهُ سبحانه نبيَّه والمؤمنين أنه قد أكمَل لهم الإيمانَ فلا يَحْتاجون إلى زيادةٍ أبدًا، وقد أتمَّه اللهُ عزَّ ذكرُه فلا يَنْقُصُه أبدًا، وقد رضِيَه اللهُ فلا يَسْخَطُه أبدًا (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ قولَه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾: هذا نزَل يومَ عرفةَ، فلم يَنْزِلْ بعدها حلالٌ ولا حرامٌ، ورجَع رسولُ اللهِ فمات. فقالت أسماءُ بنتُ عُمَيسٍ: حجَجْتُ مع رسولِ اللهِ تلك الحَجَّةَ، فبينَما نحن نسيرُ، إذ تَجَلَّى له جبريلُ، [فمال رسولُ اللهِ] (٢) على الراحلةِ، فلم تُطِقِ الراحلةُ مِن ثِقْلِ ما


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٣) عن علي بن أبي طلحة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٢٥٧) إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.