للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)﴾.

يقولُ عزَّ ذكرُه: اللهُ المعبودُ هو القادرُ على كلِّ شيءٍ، والمالكُ كلَّ شيءٍ، الذي لا يُعْجِزُه شيءٌ أراده، ولا يَغْلِبُه شيءٌ طلَبه، المقتدِرُ على هلاكِ المسيحِ وأمِّه ومن في الأرضِ جميعًا، لا العاجزُ الذي لا يقدِرُ على منعِ نفسه من ضُرٍّ نزَل به من اللهِ، ولا منعِ أمِّه من الهلاكِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ﴾.

وهذا خبرٌ من اللهِ جلَّ وعزَّ عن قومٍ من اليهودِ والنصارى أنهم قالوا هذا القولَ. وقد ذُكِر عن ابن عباسٍ تسميةُ الذين قالوا ذلك من اليهودِ.

حدثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بُكيرٍ، عن محمدِ بن إسحاقَ، قال: ثني محمدُ بنُ أبي محمدٍ مولي زيدِ بن ثابتٍ، قال: ثنى سعيدُ بنُ جبيرٍ، أو عكرمةُ، عن ابن عباسٍ، قال: أتى رسولُ اللهِ [نعمانُ بنُ أضا، وبَحْرِيُّ بنُ عمرٍو] (١)، وشَأْسُ بن عَدِيٍّ، فكلَّموه، فكلَّمهم رسولُ اللهِ ، ودعاهم إلى اللهِ، وحذَّرهم نِقْمتَه، فقالوا: ما تُخَوِّفُنا يا محمدُ، نحن واللهِ أبناءُ اللهِ وأحباؤُه! كقولِ النصارى، فأنزل اللهُ جلَّ وعزَّ فيهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ إلى آخرِ الآيةِ (٢).

وكان السُّدِّيُّ يقولُ في ذلك بما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ مفضَّلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣ س: "عثمان بن أصار ونحوى بن عمرو".
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٦٣، وأخرجه البيهقى في الدلائل ٢/ ٥٣٣ - ٥٣٦ من طريق يونس بن بكير به مطولًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٩ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.