للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحسابِ والثوابِ والعقابِ يقينًا، فلا تَشُكُّوا في صحتِه، ولا تَمْتَرُوا في حقيقتِه، فإن قولِى الصدقُ الذي لا كَذِبَ فيه، ووَعْدى الحقُّ (١) الذي لا خُلْفَ له. ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾. يقولُ: وأيُّ ناطقٍ أصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا، وذلك أن الكاذبَ إنما يَكْذِبُ ليَجْتَلِب بكذبِه إلى نفسِه نفعًا، أو يَدْفَعَ عنها ضَرًّا، واللهُ تعالى ذكرُه خالقُ الضَّرِّ والنفعِ، فغيرُ جائزٍ أن يَكونَ منه كذبٌ؛ لأنه [لا يَدْعُو إلى ذلك اجْتِلابُ نفعٍ به، ولا دفعُ ضَرٍّ عن نفسِه، وإنّما يجوزُ ذلك على مَن دونَه، فمنَ ذا الذي لا يحتاجُ إلى اجتلابِ نفعٍ إلى] (٢) نفسِه، أو دفعِ ضَرٍّ عنها سواه تعالى ذكرُه، فيَجوزَ أن يَكونَ له في اسْتِحالةِ الكذبِ منه نظيرٌ؟ أو مَن أَصْدَقُ مِن الله حديثًا وخبرًا؟

القولُ في تأويلِ قوله جلَّ ثناؤُه: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ﴾: فما شأنُكم أيُّها المؤمنون في أهلِ النِّفاقِ فِرْقتَين (٣) مُخْتلِفتَين. ﴿وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾، يعنى بذلك: واللهُ رَدَّهم إلى أحكامِ أهلِ الشركِ في إباحةِ دمائهم، وسَبْي ذَراريِّهم، [﴿بِمَا كَسَبُوا﴾، يعنى: بما كذَبوا الله ورسولَه، وكفَروا بعدَ إسلامِهم] (٤).


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الصدق".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "لا يدعوه إلى اجتلاب نفع ولا دفع ضر عن"، وفى م: "لا يدعوه إلى اجتلاب نفع إلى".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فئتين".
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.