للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقومُ أحدٌ إلا فلانٌ. وإن شِئْتَ جَعَلتَه نصبًا على الاستثناءِ والانقطاعِ عن أولِ الكلامِ، تُريدُ: اللهمَّ إِلَّا مَن [رحِم اللَّهُ] (١).

وقال آخرُ (٢) منهم: معناه: لا يُغْنى مولًى عن مولًى شيئًا، إِلَّا من أذِن اللَّهُ له أن يَشْفَعَ. قال: لا يكونُ بدلًا مما في ﴿يُنْصَرُونَ﴾؛ لأن ﴿إِلَّا﴾ محقَّقٌ، والأولَ مَنْفيٌّ، والبدلُ لا يكونُ إلا بمعنى الأولِ. قال: وكذلك لا يجوزُ أن يكون مُسْتأنفًا؛ لأنه لا يُسْتأْنفُ بالاستثناءِ.

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يكونَ في موضعِ رفعٍ، بمعنى: يومَ لا يُغْنى مولًى عن مولًى شيئًا إلا من رحِم اللَّهُ منهم، فإنه يُغْنى عنه، بأن يَشْفَعَ له عندَ ربِّه.

وقولُه: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه واصفًا نفسَه: إِنَّ اللَّهَ هو العزيزُ في انتقامِه من أعدائِه، الرحيمُ بأوليائِه وأهلِ طاعتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إن شَجَرَةَ الزَّقُّومِ التي أخبَر أنها تَنبُتُ في أصلِ الجحيمِ، التي جعَلها طعامًا لأهلِ الجحيمِ، ثمرُها في الجحيمِ -

طعامُ الآثمِ في الدنيا بربِّه. والأثيمُ ذو الإثمِ، والإثمُ مِن: أَثِم يَأْثَمُ فهو أَثِيمٌ. وعُنِى به في هذا الموضعِ الذي إثمُه الكفرُ بربِّه دونَ غيرِه من الآثامِ.

وقد حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن


(١) في المعاني: "رحِمت".
(٢) في م: "آخرون".