للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من خيرٍ أو شرٍّ، بجزائهِ المحسنَ بالإحسانِ، والمسيءَ بالإساءةِ، ﴿مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾. يقولُ: ميقاتُ اجتماعِهم أجمعين.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾: يومَ يَفْصِلُ فيه بينَ الناسِ بأعمالِهم (١).

وقولُه: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾. يقولُ: لَا يَدْفَعُ ابْنُ عَمٍّ عن ابن عمٍّ ولا صاحبٌ عن صاحبِه شيئًا، من عقوبةِ اللَّهِ التي حلَّت بهم (٢) من اللَّهِ، ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾. يقولُ: ولا يَنصُرُ بعضُهم بعضًا، فيَسْتَعيذوا ممن نالهم بعقوبةٍ، كما كانوا يَفْعَلُون في الدنيا.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يَزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا﴾ الآية: انقَطَعت الأسبابُ يومَئذٍ بابنِ آدمَ، وصار الناسُ إلى أعمالِهم، فمن أصاب يومَئذٍ خيرًا سعِد به آخرَ ما عليه، ومن أصاب يومَئذٍ شرًّا شقِي به آخرَ ما عليه (١).

وقولُه: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ﴾. اختلَف أهلُ العربيةِ في موضعِ ﴿مَنْ﴾ في قولِه: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ﴾؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ﴾. فجعَله بدلًا من الاسمِ المضمرِ في: ﴿يُنْصَرُونَ﴾. وإن شِئْتَ جعَلتَه مبتدأً، وأضمَرتَ خبرَه، تُريدُ به: إلا من رحِم اللَّهُ فيُغْنى عنه.

وقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ (٣) قولَه: ﴿إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ﴾. قال: المؤمنون يَشْفَعُ بعضُهم في بعضٍ، فإن شِئْتَ فاجعَلْ ﴿مَنْ﴾ في موضعِ رفعٍ، كأنك قُلْتَ:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٢ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "به".
(٣) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٤٢.