للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنما قال: ﴿لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾؛ لأنَّ اللَّهَ ﷿ كان قبَض رُوحَه أوّلَ؛ النهارِ، ثم ردَّ إليه رُوحَه آخِرَ النهارِ بعدَ المائةِ العامِ، فقيل له: ﴿كَمْ لَبِثْتَ﴾؟ فقال: ﴿لَبِثْتُ يَوْمًا﴾. وهو يَرَى أن الشمسَ قد غرَبت، فكان ذلك عندَه يومًا؛ لأنَّه ذكِر أنه قُبِض رُوحُه أولَ النهارِ. وسُئِل عن مقدارِ لُبثِه ميتًا آخِرَ النهارِ، وهو يَرَى أن الشمسَ قد غرَبت، فقال: ﴿لَبِثْتُ يَوْمًا﴾. ثم رأى بقيةً مِن الشمسِ قد بَقِيت لم تَغْرُبُ، فقال: ﴿ا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾. بمعْنى: بل بعضَ يومٍ. كما قال تعالى ذكرُه: ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات: ١٤٧]. بمعْنى: بل يَزِيدُون. فكان قولُه: ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ رُجوعًا منه عن قولِه: ﴿لَبِثْتُ يَوْمًا﴾.

وبنحوِ الذي قُلْنا في ذلك قال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾. قال: ذكِر لنا أنه مات ضُحًى، ثم بُعِث (١) قبلِ غَيْبوبةِ الشمسِ، فقال: ﴿لَبِثْتُ يَوْمًا﴾، ثم التفَت فرأى بقيةً مِن الشمسِ، فقال: ﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾. فقال: ﴿بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ﴾ (٢).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾. قال: مَرَّ على قريةٍ خَربةٍ (٣) فتعجَّب،


(١) في ص، م: "بعثه".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٠٢ (٢٦٥٧) من طريق سعيد بن بشير.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.