فلا تُبْقُوا عليهم، أيُّها المؤمنون، كما لا يُبْقُون عليكم لو ظَهَروا عليكم، ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾. يقولُ: المُتَجاوِزون فيكم إلى ما ليس لهم بالظُّلْمِ والاعتداءِ.
يقولُ جلَّ ثناؤُه: فإن رجَع هؤلاء المشركون الذين أمَرْتُكم، أيُّها المؤمنون، بقَتْلِهم عن كفرِهم وشِرْكِهم باللهِ إلى الإيمانِ به وبرسولِه، وأنابُوا إلى طاعتِه ﴿وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ﴾ المكتوبةَ، فأدَّوْها بحُدُودِها، ﴿وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾ المفروضةَ أهلَها. يقولُ: فهم إخوانُكم في الدينِ الذي أمَركم اللهُ به، وهو الإسلامُ ﴿وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾. يقولُ: ونُبَيِّنُ حُجَجَ اللهِ وأدلتَه على خَلْقِه، ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ما بُيِّنَ لهم، فنَشْرَحُها لهم مُفَصَّلةً دونَ الجُهَّالِ الذين لا يَعْقِلون عن اللهِ بيانَه، ومُحْكَمَ آياتِه.
وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾. يقولُ: إِن تَرَكوا اللاتَ والعُزَّى، وشَهِدوا أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ ﴿فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (١).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٦٠ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣١٤ إلى ابن المنذر.