للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل معني ذلك: يخلُقُكم في بُطُونِ أمهاتِكم مِن بعدِ خلقِه إيَّاكم في ظهرِ آدمَ. قالوا: فذلك هو الخلقُ مِن بعدِ الخلقِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ﴾. قال: خَلْقًا في البطونِ، مِن بعدِ الخلقِ الأَوَّلِ الذي خلَقكم في (١) ظهرِ آدمَ.

وأَولى القولَين في ذلك بالصوابِ، القولُ الذي قالَه عكرمةُ ومجاهدٌ ومَن قال في ذلك مثلَ قولِهما؛ لأن الله جلَّ وعزَّ أخبر أنه يخلقُنا خلقًا مِن بعدِ خلقٍ في بُطُونِ أمهاتِنا في ظُلُماتٍ ثلاثٍ، ولم يخبرْ أنه يخلقُنا في بطونِ أمهاتِنا مِن بعدِ خلقِنا في ظهرِ آدمَ، وذلك نحو قولِه: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾ الآية [المؤمنون: ١٢ - ١٤].

وقولُه: ﴿فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾. يعنى: في ظلمةِ البَطنِ، وظلمةِ الرَّحِمِ، وظُلْمةِ المَشِيمةِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا هَنَّادُ بنُ السُّرِيِّ، قال: ثنا أبو الأحوصِ، عن سِماكٍ، عن عكرمة: ﴿فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾. قال: الظلماتُ الثلاثُ البَطنُ، والرحمُ، والمَشِيمةُ.

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن سِماكٍ، عن


(١) في م، ت ٢، ت ٣: "خلقهم".