للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هؤلاء الذين اتَّخَذوا دينَكم هُزُوًا ولعبًا مِن الذين أُوتُوا الكتابَ ومِن الكفارِ، أن تَتَّخِذُوهم أوْلياءَ أو (١) نُصَراءَ، وارْهَبوا عُقوبتَه في فعلِ ذلك إِن فَعَلْتُموه، بعدَ تقدُّمِه إليكم بالنهيِ عنه، إن كنتم تُؤْمِنون باللَّهِ وتُصَدِّقونه على وَعيدِه على معصيتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (٥٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا أذَّن مُؤَذِّنُكم أيُّها المؤمنون بالصلاةِ، سخِر مِن دعوتِكم إليها هؤلاءِ الكفارُ مِن اليهودِ والنصارى والمشركين، ولعِبوا مِن ذلك، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ﴾ يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: فعلُهم الذي يَفْعَلونه، وهو هُزُؤُهم ولعِبُهم مِن الدعاءِ إلى الصلاةِ، إنما يَفْعَلونه بجهلِهم بربِّهم، وأنهم لا يَعْقِلون ما لهم في إجابتِهم إن أجابوا إلى الصلاةِ، وما عليهم في اسْتِهْزائِهم ولعبِهم بالدعوةِ إليها، ولو عقَلوا ما لَمن فعَل ذلك عندَ اللَّهِ مِن العِقابِ ما فعَلوه.

وقد ذُكِر عن السديِّ في تأويلِه ما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾: كان رجلٌ مِن النصارى بالمدينةِ إذا سمِع المنادِي يُنادِى: أَشْهَدُ أن محمدًا رسولُ اللَّهِ. قال: حُرِّق الكاذبُ. فدخَلَت خادِمُه ذاتَ ليلةٍ مِن الليالي بنارٍ وهو نائمٌ (٢) وأهلُه نِيامٌ، فسقَطَت شَرارةٌ، فأحْرَقَت البيتَ، فاخْتَرَق هو وأهلُه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا


(١) في م: "و".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قائم".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٤ (٦٥٥٧) من طريق أحمد بن مفضل به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩٤ إلى أبى الشيخ.