للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه خبرٌ، ومثلُه قولُ الشاعرِ (١):

إِذَا مَا انْتَسَبْنا لَمْ تَلِدْنى لَئِيمَةٌ … وَلَمْ تَحِدِى مِنْ أَنْ تُقِرِّى بِها بُدَّا

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)﴾.

يعنى بذلك جلّ ثناؤه: واللهُ بما تعمَلون أيُّها الناسُ في نفَقاتِكم التي تُنفقونها، بَصِيرٌ، لا يَخْفَى عليه منها ولا من أعمالِكم فيها وفى غيرِها شيءٌ، يعلمُ مَن المنفِقُ منكم بالمَنِّ والأذَى، والمُنفِقُ ابتغاءَ مرضاةِ اللهِ وتثبيتًا من نفسِه، فيُحْصِى عليكم ذلك حتى يُجازِى جميعَكم جزاءَه على عملِه، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًّا فشرًّا.

وإنما يعنى بهذا القولِ جلّ ثناؤُه التحذيرَ من عقابِه في النفقاتِ التي يُنْفِقُها عبادُه، وغيرِ ذلك من الأعمالِ، أن يَأْتِيَ أحدٌ من خلقِه ما قد تقدَّم فيه بالنَّهْى أو يُفَرِّطَ فيما قد أُمِرَ به؛ لأن ذلك بمرأًى من اللهِ ومسمعٍ، يَعلَمُه ويُحْصِيه عليهم، وهو لخلقِه بالمرصادِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾.

ومعنى ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا﴾ - ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ الآية.


(١) تقدم في ٢/ ٥٧، ٢٥٨.