للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى قوله: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ﴾: أيُحبُّ أحدُكم ﴿أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ﴾ يعني: بستانٌ ﴿مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يعنى: من تحت الجنة، ﴿لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [يعنى: لأحدِكم في تلك الجنةِ من كلِّ الثمراتِ] (١) - والهاء في ﴿لَهُ﴾ - عائدةٌ على "أحد"، والهاءُ والألفُ في ﴿فِيهَا﴾ على الجنةِ - ﴿وَأَصَابَهُ﴾. يعنى: وأصاب أحدَكم ﴿الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ﴾.

وإنما جعَل جلَّ ثناؤُه البستانَ من النخيلِ والأعنابِ - الذي قال جلَّ ثناؤُه لعبادِه المؤمنين: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ﴾ - مثلًا لنفقةِ المنافقِ التي يُنفقُها رياءَ الناسِ، لا ابتغاءَ مرضاةِ اللهِ، فالناسُ له (٢) بما يُظهِرُ لهم من صدقتِهِ، وإعطائِه ما يُعطى، وعملِه الظاهرِ، يُثنون عليه ويَحْمَدونه. [فعملُه ذلك له] (٣) - أيامَ حياتِه - في حُسْنِه كحسنِ البستانِ، وهو الجنةُ التي ضرَبها اللهُ ﷿ لعملِه مثلًا من نخيلٍ وأعنابٍ، له فيها من كلِّ الثمراتِ؛ لأن في عملِه ذلك الذي يعمَلُه في الظاهرِ في الدنيا له فيها (٤) من كلِّ خيرٍ من عاجل الدنيا، يَدْفَعُ به عن عاجلِ الدنيا، يَدْفَعُ به عن نفسِه ودمِه ومالِه وذرِّيتِه، ويكتسبُ به المَحْمدةَ وحسنَ الثناءِ عندَ الناسِ، ويأخُذُ به سهمَه من المَغْنم، مع أشياءَ كثيرةٍ يكثُرُ إحصاؤُها، فله في ذلك من كلِّ خيرٍ في عاجل الدنيا، كما وصَف جل ثناؤُه الجنةَ التي وصَف مثلًا لعملِه (٥)، بأن فيها مِن كلِّ الثمراتِ، ثم قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ﴾. يعنى أن صاحبَ الجنةِ أصابه


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢: "بعمله ذلك".
(٤) في ص، م: "فيه".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢: "بعمله".