قال أبو جعفر الطبريُّ: قد تقدَّم منا البيانُ عن معنى قوله: ﴿الر﴾ فيما مضَى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضعِ (١).
وأما قوله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَهُ إِلَيْكَ﴾. فإن معناه: هذا كتابٌ أنزلناه إليك يا محمدُ، يعنى القرآن. ﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾، يقول: لتَهْدِيَهم به مِن ظلماتِ الضلالة والكفر إلى نور الإيمان وضيائه، وتُبَصِّرَ به أهل الجهل والعَمَى سُبُلَ الرشادِ والهُدَى.
وقوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾. يعنى: بتوفيق ربِّهم لهم بذلك، ولطفه بهم، ﴿إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾. يعنى: إلى طريق الله المستقيم، وهو دينه الذي ارْتَضَاه وشرعه لخلقه.
و"الحميدُ" فعيلٌ، صُرِف مِن مفعول إلى فعيلٍ، ومعناه: المحمود بآلائه، وأضاف تعالى ذكره إخراج الناسِ من الظلمات إلى النور بإذن ربِّهم لهم بذلك، إلى نبيِّه ﷺ، وهو الهادى خلقَه، والموفِّقُ مَن أحبَّ منهم للإيمان؛ إذ كان منه دعاؤُهم إليه، وتعريفُهم ما لهم فيه وعليهم، فبيِّنٌ بذلك صحة قول أهل الإثبات الذين