للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهما على السدسِ، ﴿إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾: ذكَرًا كان الولدُ أو أنثى، واحدًا كان أو جماعةً.

فإن قال قائلُ: فإن كان كذلك التأويلُ، فقد يَجِبُ ألا يُزَادَ الوالدُ معَ الابنةِ الواحدةِ على السدسِ مِن ميراثِه عن ولدِه الميتِ. وذلك إن قلتَه، قولٌ خلافٌ لما عليه الأُمَّةُ مُجْمِعةٌ، مِن تصييرِهِم باقىَ تركةِ الميتِ مع الابنةِ الواحدةِ بعدَ أخذِها نصيبَها منها لوالدِه أجمعَ؟

قيل: ليس الأمرُ في ذلك كالذى ظننتَ، وإنما لكلِّ واحدٍ مِن أبويِ الميتِ السدسُ مِن تَرِكته مع ولدِه، ذكَرًا كان الولدُ أو أنثى، واحدًا كان أو جماعةً، فريضةً من اللَّهِ لهُ مُسَمَّاةً، فإمَّا (١) زِيدَ على ذلك مِن بقيةِ النصفِ مع الابنةِ الواحدةِ، إذا لم يكنْ غيرُه وغيرُ ابنةٍ للميتِ واحدةٍ، فإنما زِيدَها ثانيًا لقُربِ (٢) عَصَبَةِ الميتِ إليه، إذ كان حكمُ كلِّ ما أبقَتْه سهامُ الفرائضِ فلأَوْلى عصَبةِ الميتِ، وأقربِهِم إليه بحكمِ ذلك لها على لسانِ رسولِ اللَّهِ (٣)، وكان الأبُ أقربَ عصبةِ ابنِه وأولاها به، إذا لم يكنْ لابنِه الميتِ ابنٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾.

يعنى جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ﴾: فإن لم يكنْ للميتِ ﴿وَلَدٌ﴾ ذكرٌ ولا أنثى، ﴿وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ﴾ دونَ غيرِهما من ولدٍ وارثٍ، ﴿فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾. يقولُ: فلأُمِّه مِن تَرِكَتِه وما خلَّف بعدَه، ثلثُ جميعِ ذلك.

فإن قال قائلٌ: فمَن الذي له الثُّلُثَانِ الآخَرانِ؟ قيل له: الأبُ. فإن قال: بماذا؟


(١) في م، س: "فإن".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قرب".
(٣) يشير إلى ما أخرجه الطيالسي (٢٧٣١)، وأحمد ٤/ ٤٠١ (٢٦٥٧)، والبخاري (٦٧٣٢، ٦٧٣٥، ٦٧٣٧)، ومسلم (١٦١٥) من حديث ابن عباس.