للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾. إنما هو بمكان: ربَّهم يَرْهَبون.

وقال بعضُهم: أدخلت "اللامُ" فى ذلك، كما تدخلُ في قولِهم: حَمِدتُ لك، وحَمِدتُك وشَكَرتُ لك، وشَكَرتُك. وقال: هذه "لامٌ" جلبها (١) الفعلُ، فكذلك قولُه: ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ تقولُ: فيَكِيدوك، ويَكيدوا لك، فيَقْصِدوك، ويَقْصِدوا لك. قال: وكيدًا توكيدٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قيلِ يعقوبَ لابنِه يوسفَ، لمَّا قصَّ عليه رؤياه: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾: وهكذا يَجْتَبِيك ربُّك. يقولُ: كما أراك ربُّك الكواكبَ والشمسَ والقمرَ لك سجودًا، فكذلك يَصْطَفِيك ربُّك، كما حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا عمرٌو العَنْقَزِيُّ، عن أبى بكرٍ الهُذَليِّ، عن عكرمةَ: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾. قال: يَصْطَفِيك.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾: فاجْتَباه واصْطَفاه وعَلَّمه مِن عِبَرِ الأحاديثِ، وهو تأويلُ الأحاديثِ (٢).

وقولُه: ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾. يقولُ: ويُعَلِّمُك ربُّكَ مِن علمِ ما يَئولُ إليه أحاديثُ الناسِ، عما يَرَونه فى منامِهم، وذلك تعبيرُ الرؤيا.


(١) فى النسخ: "عليها". والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٧/ ٢١٠٣ (١١٣٣٧) من طريق سعيد به نحوه.