للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذى قاله السُّدِّيُّ مِن أنه لم تَكُنْ يومَ نزَلَت هذه الآيةُ زكاةٌ، وإنما كانَت نفقةٌ (١) يُنْفِقُها الرجلُ على أهلِه، وصدقةٌ يَتَصَدَّقُ بها، ثم نسَخَتْها الزكاةُ -قولٌ مُمكِنٌ أن يَكونَ كما قال، ومُمْكِنٌ غيرُه، ولا دَلالةَ في الآيةِ على صحةِ ما قال؛ لأنه ممكنٌ أن يَكونَ قولُه: ﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ الآية. حَثًّا مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه على الإنفاقِ على مَن كانت نفقتُه غيرَ واجبةٍ مِن الآباءِ والأمهاتِ والأقْرباءِ، ومَن سمَّى معهم في هذه الآيةِ، وتَعْرِيفًا مِن اللهِ عبادَه مَواضعَ الفضلِ التى تُصْرَفُ فيها النَّفَقاتُ، كما قال في الآيةِ الأُخرى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾ [البقرة: ١٧٧]. وهذا القولُ الذى قلْناه هو (٢) قولُ ابنِ جُرَيْجٍ الذى حكَيْناه.

وقد بيَّنَّا معنى المَسْكنةِ، ومَن ابنُ السبيلِ فيما مضَى، فأغْنَى ذلك عن إعادتِه ههنا (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾: فُرِض عليكم القِتالُ. يعنى قتالَ المشركين، ﴿وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾.

واخْتَلَف أهلُ العلمِ في الذين عُنُوا بفرضِ القتالِ، فقال بعضُهم: عُنى بذلك أصحابُ رسولِ اللهِ خاصةً دونَ غيرِهم.


(١) في الأصل: "نفقته".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في".
(٣) تقدم في ٢/ ٢٦، ٢٧، ١٩٢، وفى ص ٨٢ من هذا الجزء.