للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً﴾: يُقاتِلونكم فى سبيلِ اللهِ: ﴿فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا﴾: اذْكُروا اللهَ الذى بذَلْتُم له أنفسَكم والوفاءَ بما أعْطَيْتُموه مِن بَيْعتِكم، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين به: أطِيعوا أيُّها المؤمنون ربَّكم ورسولَه فيما أمَرَكم به ونهاكم عنه، ولا تُخالِفوهما في شيءٍ، ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾. يقولُ: ولا تَخْتَلِفوا فتفَرَّقوا وتَخْتَلِفَ قلوبُكم، ﴿فَتَفْشَلُوا﴾. يقولُ: فتَضْعُفوا وتجبُنوا، ﴿وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾. وهذا مَثَلٌ يقالُ للرجلِ إذا كان مُقْبِلًا (٢) ما يُحِبُّه ويُسَرُّ به: الريحُ مقبلةٌ عليه. يعنى بذلك ما يُحِبُّه، ومِن ذلك قولُ عَبيد بن الأبْرصِ (٣).

كما حَمَيْناك يومَ النَّعْفِ (٤) مِن شَطَبٍ (٥) … والفضلُ للقومِ مِن رِيحٍ ومِن عَدَدِ

يعنى: مِن البأسِ والكثرةِ.

وإنما يُراد به فى هذا الموضعِ: وتَذْهَبَ قوتُكم وبأسُكم فتَضْعُفوا، ويَدْخُلَكم الوَهَنُ والخَلَلُ.

﴿وَاصْبِرُوا﴾. يقولُ: اصْبِروا مع نبيِّ اللهِ عندَ لقاءِ عدوِّكم، ولا


(١) سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٣.
(٢) بعده في م: "عليه".
(٣) ديوانه ص ٥٩.
(٤) النعف: ما انحدر من حزونة الجبل وارتفع عن منحدر الوادى. تاج العروس (ن ع ف).
(٥) شطب: جبل في ديار بني أسد معجم البلدان ٣/ ٢٨٩.