للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العجلان، ثم اتصلت تلك العداوةُ بينهم، إلى أن أطفاها الله بنبيه محمدٍ . فذلك معنى قول السديِّ: حربُ سميرٍ (١).

وأما قولُه: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾. فإنه يعنى: فأصبَحتم بتأليف الله ﷿ بينكم بالإسلام وكلمة الحقِّ، والتعاون على نصرةِ أهل الإيمانِ، والتآزر على مَن خالَفكم مِن أهلِ الكفرِ، إخوانًا متصادقين، لا ضغائن بينَكم ولا تحاسدَ.

كما حدَّثني بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾: ذُكر (٢) لنا أن رجلًا قال لابن مسعودٍ: كيف أصبحتم؟ قال: أصبحنا بنعمةِ الله إخوانًا.

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ﴾: وكنتم يا معشرَ المؤمنين مِن الأوسِ والخزرجِ، على حرفِ حفرةٍ من النارِ. وإنما ذلك مَثَلٌ لكفرِهم الذي كانوا عليه قبل أن يَهْدِيَهم الله للإسلام، يقولُ تعالى ذكرُه: وكنتم على طرْفِ جهنمَ بكفرِكم الذي كنتم عليه قبل أن يُنْعِمَ الله عليكم بالإسلام، فتصيروا بائتلافِكم عليه إخوانًا، ليس بينَكم وبين الوُقوع فيها إلا أن تموتوا على ذلك من كفرِكم، فتكونوا من الخالدين فيها، فأنقَذكم الله منها بالإيمان الذي هداكم له.

وشفا الحفرة طرفُها وحرفُها، مثلُ شفا الرَّكيَّة والبئرِ، ومنه قولُ الراجزِ:

نحن حفرنا للحجيج سَجْلَهْ

نابتةٌ فوقَ شفاها بَقْلَهْ (٣)


(١) في م: "ابن سمير".
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "وذكر".
(٣) لم نجد هذا الرجز، وأقرب ما ورد إليه ما ذكره أبو عبيد البكرى في معجم ما استعجم ٣/ ٧٢٤. تعريف =