للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال بعضُهم لبعضٍ: موعدُكم الحَرَّةُ. فخرَجوا إليها، فنزَلت هذه الآيةُ: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ الله الآية. فأتاهم رسولُ اللَّهِ ، فلم يَزَلْ يَتْلُوها عليهم حتى اعتَنَق بعضُهم بعضًا، وحتى إن لهم لخَنِينًا (١)، يعنى البكاءَ (٢).

وسُمَيرٌ الذي زعَم السديُّ أن قولَه: ﴿إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً﴾. عنى به حربَه، هو سُمَيرُ بنُ زيدِ (٣) بن مالكٍ، أحدُ بني عمرِو بن عوفٍ، الذي ذكَره مالكُ بنُ العجلانِ في قولِه (٤):

إِنَّ سُميرًا أَرَى عَشِيرَتَهُ … قد حدِبوا (٥) دونَه وقد أَنِفوا (٦)

إِنْ يَكُنِ الظَّنُّ صادِقى ببنى … النجّارِ لم يَطْعَمُوا الذي عُلِفوا (٧)

وقد ذكَر علماءُ الأنصارِ أن مبدأَ العداوةِ التي هيَّجت (٨) الحروبَ التي كانت بينَ قبيلتَيها الأوسِ والخزرجِ وأولَها، كان بسببِ قتلِ (٩) مولًى لمالكِ بن العجلانِ الخزرجيِّ، يقالُ له: الحُرُّ (١٠) بنُ سُميرٍ. مِن مُزَيْنَةَ، وكان حليفًا لمالكِ بن


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لحنينا"، وفى س: "لنحيبا".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦١ إلى المصنف.
(٣) ذكره أبو الفرج في الأغانى ٣/ ٤٠: "يزيد"، وكذا ذكر أخاه درهم بن يزيد، وفي نسخ منه في اسم أخيه "زيد".
(٤) جمهرة أشعار العرب، ٢/ ٦٣٧، والأغانى ٣/ ٢٠، والخزانة ٤/ ٢٧٩.
(٥) حدب: تعطَّف وحنا. ينظر التاج (ح د ب).
(٦) في م: "أبقوا".
(٧) في ص، م، ت ٢، ت ٣، س: "علقوا". وقال أبو الفرج في الأغانى: يقال: عُلِفوا الضيم: إذا أقروا به. أي: ظني أنهم لا يقبلون الضيم.
(٨) في ص، ت ١، س: "هاجت".
(٩) في ص، ت ١: "قتلة"، وفى س: "قبيلة".
(١٠) كذا في النسخ، وفى خزانة الأدب: "بجير"، وفى شرح ديوان حسان ص ٨١ نقلا عن ابن الكلبي وغيره: "أبجر".