للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاءَتْ مُرجَّمةٌ قد كُنْتُ أَحْذَرُها … لَوْ كَانَ يَنْفَعُنِي الإشْفاقُ والحَذَرُ

مرجمةً: يُظَنُّ بها.

القولُ في تأويلِ قوله جلَّ ثناؤه: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه لنبيِّه محمدٍ : واذكرْ يا محمدُ في كتابِنا الذي أنزلْنا إليك، موسى بنَ عمرانَ، واقصُص على قومِك نبأه؛ ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا﴾.

واختلفتِ القرأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيين: (إِنَّهُ كانَ مُخْلِصًا). بكسرِ اللامِ من المُخْلِص، بمعنى: إنَّه كان يُخلِص للهِ العبادةَ ويُفرده بالألوهةِ من غيرِ أن يَجعَل له فيها شريكًا، وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ الكوفةِ خلا عاصمٍ: ﴿إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا﴾. بفتحِ اللامِ من مُخْلَصٍ، بمعنى أنَّ موسى كان اللهُ قد أخلَصه واصطفاهُ لرسالتِه، وجعله نبيًّا مرسلًا (١).

والصوابُ من القولِ فى ذلك عندِى أنَّه كان مخلصًا عبادةَ اللهِ، مُخلَصًا للرسالة والنبوّة، فبأيَّتِهما قرَأ القارئ فمصيبٌ الصوابَ.

﴿وَكَانَ رَسُولًا﴾. يقولُ: وكان للهِ رسولًا إلى قومِه من بني إسرائيلَ، ومَن أرسَله إليه نبيًّا.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ


(١) قرَأ عاصم وحمزة والكسائي: ﴿مُخْلَصًا﴾ بفتح اللام. وقرأ الباقون بكسرها.
أما قول المصنف: "خلا عاصم". ففى كتب القراءات أن عاصمًا قرأ بفتح اللام. وينظر التيسير ص ١٢١، والحجة ص ٤٤٤، ٤٤٥، والنشر ٢/ ٢٢١. على أن ابن مجاهد قد ذكر أن عاصمًا قرأ بكسر اللام في رواية أبي بكر عنه وأنه قرأ بفتحها في رواية حفص عنه. وينظر السبعة ص ٤١٠.