للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذى ذكرْنا أمْرَه على ما رَوَيْنا عن علمائِنا مِن أهلِ التأويلِ، هو الدَّرْءُ الذى قال اللهُ جلَّ ثناؤه لذُرِّيَّتِهم وبقايا أولادِهم: ﴿فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)﴾.

ويعنى بقولِه: ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: واللهُ مُعْلِنٌ ما كنتم تُسِرُّونه مِن قَتْلِ القتيلِ الذى قتَلتم ثم ادَّارَأْتُم فيه.

ومعنى "الإخراجِ" في هذا الموضعِ: الإظهارُ والإعلانُ لمن خفِى ذلك عنه، وإطْلاعُهم عليه، كما قال اللهُ تعالى ذكره: ﴿أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [النمل: ٢٥]. يعنى بذلك: يُظْهِرُه ويُطْلِعُه مِن مَخْبَئِه بعدَ خَفائِه.

والذى كانوا يَكْتُمونه فأخرَجه، هو قَتْلُ القاتلِ القتيلَ، كما كتَم ذلك القاتلُ ومَن علِمه ممَّن شايَعه على ذلك حتى أظهرَه اللهُ وأخرَجه، فأعَلن أمْرَه لمَن لا يَعلمُ أمْرَه.

وعنَى جلَّ ذكرُه بقوله: ﴿تَكْتُمُونَ﴾: تُسِرُّون وتُغَيِّبون.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. قال: تُغَيِّبون (١).

حدَّثنى المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابنِ أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: ما كنتم تُغَيِّبون.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾.

يعنى جلَّ ذكرُه بقولهِ: ﴿فَقُلْنَا﴾: لقومِ موسى الذين ادَّارَءوا في القتيلِ -


(١) تفسير مجاهد ص ٢٠٦، ومن طريقه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ١٤٤ (٧٤٨). وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٧٨ إلى عبد بن حميد.