للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكاد يكونُ بينَ أخى المقتولِ وبين أهلِ المدينةِ قتالٌ، حتى لبِس الفريقان السلاحَ، ثم كفَّ بعضُهم عن بعضٍ، فأتَوْا موسى فذكَروا له شأنَهم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ، إن هؤلاء قتَلوا قتيلًا ثم ردُّوا البابَ. وقال أهلُ المدينةِ: يا رسولَ اللهِ، قد عرَفْتَ اعتزالَنا الشرورَ، وبنَيْنا مدينةً -كما رأيتَ- نعتزِلُ شرورَ الناسِ، ما قتَلْنا ولا عَلِمْنا قاتلًا، فأوحَى اللهُ تعالى ذِكْرُه إليه أن يذبَحوا بقرةً، فقال لهم موسى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ (١).

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا آدمُ، قال: ثنا أبو جعفرٍ، عن هشامِ بنِ حسانَ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، عن عَبيدةَ، قال: كان في بنى إسرائيل رجلٌ عقيمٌ وله مالٌ كثيرٌ، فقتَله ابنُ أخٍ له، فجرَّه فألقاه على بابِ ناسٍ آخَرِين (٢)، ثم أصبَحوا فادَّعاه عليهم حتى تسلَّح هؤلاء وهؤلاء، فأرادوا أن يَقتَتِلوا، فقال ذَوُو النُّهَى منهم: أتقتَتلون وفيكم نبىُّ اللهِ؟ فأمسَكوا حتى أَتَوْا موسى، فقصُّوا عليه القصةَ، فأمرَهم أن يَذبَحوا بقرةً فَيَضْرِبوه ببعضِها، فقالوا: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾. قال: ﴿أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (٣).

حدَّثنى يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: قتيلٌ مِن بنى إسرائيلَ طُرِح في سِبْطٍ مِن الأسباطِ فأتَى أهلُ ذلك السِّبْطِ إلى ذلك السبطِ، فقالوا: أنتم واللهِ قتلتُم صاحبَنا. فقالوا: لا واللهِ. فأتَوْا إلى موسى فقالوا: هذا قَتيلُنا بين أظهُرِهم، وهم واللهِ قتَلوه. فقالوا: لا واللهِ يا نبيَّ اللهِ، طُرِح علينا. فقال لهم موسى : ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾ (١).

قال أبو جعفرٍ: فكان اختلافُهم وتنازعُهم وخصامُهم بينَهم في أمرِ القتيلِ


(١) ينظر ما تقدم في ص ٨١، ٨٢.
(٢) بعده فى ت ١، ت ٢، ت ٣: "أو فى آخرين".
(٣) تقدم بطوله في ص ٧٧، ٧٨.