للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابتعَثه فيهم رسولًا؛ رحمةً لهم، ونعمةً منه عليهم، فكفَروا به وكذَّبوه، فبدَّلوا نعمةَ اللهِ عليهم به كفرًا.

وقولُه: ﴿وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾. يقولُ: وأنزَلوا قومَهم من مُشركي قريشٍ دارَ البَوارِ؛ وهى دارُ الهلاكِ. يقالُ منه: بار الشيءُ يبورُ بَوْرًا، إذا هلَك وبطَل. ومنه قولُ ابن الزِّبَعْرَى، وقد قيل: إنه لأبي سفيانَ بن الحارثِ بن عبدِ المطلبِ (١):

يا رسولَ المَلِيكِ إِنَّ لِسانِي … رَائِقٌ (٢) ما فَتَقْتُ إذ أنا بُورُ

ثم تُرْجِم عن دارِ البوارِ وما هي، فقيل: ﴿جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾. يقولُ: وبئس المستقرُّ هي جهنمُ لَمَن صلَاها.

وقيل: إن الذين بدَّلوا نعمةَ اللهِ كفرًا بنو أميةَ وبنو مخزومٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن بشارٍ وأحمدُ بنُ إسحاقَ، قالا: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا سفيانُ، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسفَ بن سعدٍ، عن عمرَ بن الخطابِ في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ﴾. قال: هما الأفجرانِ من قريشٍ، بنو المغيرةِ وبنو أميةَ؛ فأما بنو المغيرةِ فكفِيتُموهم يومَ بدرٍ، وأما بنو أميةَ فمُتِّعوا إلى حينٍ (٣).


(١) في ص، ت ٢، ف: "الملك".
والبيت في سيرة ابن هشام ٢/ ٤١٩، وتاريخ المصنف ٣/ ٦٤ منسوبا إلى ابن الزبعرى.
(٢) الرائق: الساد، تقول: رتقت الشيء إذا سددته. شرح غريب السيرة ٣/ ٨١.
(٣) أخرجه البخارى في تاريخه ٨/ ٣٧٣ من طريق سفيان به مختصرا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٤ إلى ابن المنذر وابن مردويه.