للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشركي قومِك من دونِ اللَّهِ آلهةً يَتَوَلَّوْنها ويَعْبُدونَها، ﴿اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ﴾؛ يُحْصِى عليهم أفعالَهم ويَحْفَظُ أعمالَهم؛ ليُجازِيهم بها يومَ القيامةِ جزاءَهم، ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾. يقولُ: ولسْتَ أنت يا محمدُ بالوكيلِ عليهم بحفظِ أعمالِهم، وإنما أنت منذرٌ، فبلِّغْهم ما أُرْسِلْتَ به إليهم، فإنما عليك البلاغُ، وعلينا الحسابُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وهكذا ﴿أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ يا محمدُ ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ بلسانِ العربِ؛ لأن الذين أرْسَلْتُك إليهم قومٌ عربٌ، فأَوْحَيْنا إليك هذا القرآنَ بألسنتِهم؛ ليَفْهَموا ما فيه من حججِ اللَّهِ وذكرِه؛ لأنا لا نُرْسِلُ رسولًا إلا بلسانِ قومِه؛ ليُبَيِّنَ لهم - ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ وهى مكةُ، ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾. يقولُ: ومَن حولَ أمِّ القرى مِن سائرِ الناسِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ في قولِه: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾. قال: مكةَ (١).

وقولُه: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾. يقولُ ﷿: وتُنْذِرَ عقابَ اللَّهِ في يومِ جمعِ (٢) عبادِه لموقفِ الحسابِ والعَرْضِ. وقيل: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾. والمعنى:


(١) تقدم تخريجه في ٩/ ٤٠٣، ٤٠٤.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الجمع".