للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثنا عبدُ العزيزِ بنُ موسى، قال: ثنا محمدُ بنُ دينارٍ، عن أبي إياسٍ، عن سعيدِ بن المسيَّبِ، عن سلمانَ الفارسيِّ، عن النبيّ ﷺ، قال: "إذا أرْسَل الرجلُ كلبَه على الصيدِ، فأدْرَكه وقد أكَل منه، فلْيأْكُلْ ما بقِى" (١)؟

قيل: هذا خبرٌ [في إسنادِه] (٢) نظرٌ، فإن سعيدًا غيرُ معلومٍ له سماعٌ من سلمانَ، والثقاتُ مِن أهلِ الآثارِ يَقِفون هذا الكلامَ على سلمانَ ويَرْوُونه عنه من قيلِه (٣) غيرَ مرفوعٍ إلى النبيِّ ﷺ، والحفاظُ الثقاتُ إِذا تَتَابَعوا على نقلِ شيءٍ بصفةٍ، فخالَفهم واحدٌ منفردٌ وليس له حفظُهم، كانت الجماعةُ (٤) الأثباتُ أحقَّ بصحةِ ما نقَلوا مِن الفردِ الذي ليس له حفظُهم. وإذا كان الأمرُ في الكلبِ على ما ذكَرْتُ مِن أنه إذا أكَل مِن الصيدِ فغيرُ مُعَلَّمٍ، فكذلك حكمُ كلِّ جارحةٍ؛ في أن ما أكَل منها مِن الصيدِ فغيرُ مُعَلَّمٍ، لا يَحِلُّ له أكلُ صيدِه، إلا أن يُدْرِكَ ذكاتَه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾.

قال أبو جعفرٍ ﵀: يَعْنى بقولِه جل ثناؤُه: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾: فكُلوا أيها الناسُ مما أمْسَكَتْ عليكم جوارحُكم.

واختلَف أهلُ التأويلِ في معنى ذلك؛ فقال بعضُهم: ذلك على الظاهرِ والعمومِ، كما عمَّه (٥) اللهُ جل ثناؤُه، حلالٌ أكلُ (٦) ما أَمْسَكَت علينا الكلابُ والجوارحُ المعلَّمةُ مِن الصيدِ الحلالِ أكلُه، أكَل منه الجوارحُ (٧) والكلابُ أو لم تَأْكُلْ


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٢) عن المصنف.
(٢) في الأصل: "فيه".
(٣) في النسخ: "قبله". والمثبت هو الصواب.
(٤) في الأصل: "الجماعات".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "عممه".
(٦) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "كل".
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الجارح".