للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان بعضُ القَرأَةِ يَخْتارُ في قولِه: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا [وَعِظَامًا أَإِنَّا (١) لَمَبْعُوثُونَ﴾ (٢) [المؤمنون: ٨٢، الصافات: ١٦، الواقعة: ٤٧]. تَرْكَ إعادِة الاستفهامِ مع ﴿أَإِنَّا﴾ اكتفاءً بالاستفهامِ في قولِه ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا﴾ (٣)] (١)، ويَسْتَشْهِدُ على صحةِ وَجْهِ ذلك بإجماعِ القَرَأةِ على تركِهم إعادةَ الاستفهامِ مع قولِه: ﴿انْقَلَبْتُمْ﴾، اكتفاءً بالاستفهامِ في قولِه: ﴿أَفَإِنْ مِتَّ﴾، إذ كان دالًّا على معنى الكلامِ وموضعِ الاستفهامِ منه، وكان يَفْعَلُ مثلَ ذلك في جميعِ القرآنِ. وسَنَأْتِى على الصوابِ من القولِ في ذلك إن شاء اللهُ، إذا انْتَهينا إليه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤه: وما يَموتُ محمدٌ ولا غيرُه مِن خلقِ اللهِ إلا بعدَ بلوغِ أجَلِه الذي جعَله الله غايةً لحياتِه وبقائِه، فإذا بلَغ ذلك مِن الأجَلِ الذي كتَبه اللهُ له، وأُذِن له بالموتِ، فحينَئذٍ يَموتُ، فأما قبلَ ذلك فلن يموتَ بكيدِ كائدٍ، ولا بحِيلةِ مُحتالٍ:

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾. أي: إن لمحمدٍ أجَلًا هو بالغُه، فإذا أذِن اللهُ (٤) في ذلك كان (٥).


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في النسخ: "أئذا كنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون".
(٣) في النسخ: "أئذا كنا ترابا".
(٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "له".
(٥) سيرة ابن هشام، ٢/ ١١١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٧٩ (٤٢٧١) من طريق سلمة به.