للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثت عن المسيب بن شريك، عن [سليمان البصري] (١)، عن الحسن: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. قال: بأخذ الزكاة والنفقة في سبيل الله.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾: بالمصائب فيها، هي لهم عذابٌ وهى للمؤمنين أجْرٌ (٢).

قال أبو جعفر: وأَوْلى التأويلين بالصواب في ذلك عندنا التأويل الذي ذكرناه عن الحسن؛ لأن ذلك هو الظاهرُ من التنزيل، فصَرْفُ تأويله إلى ما دلَّ عليه ظاهِرُه، أَوْلى مِن صَرْفه إلى باطن لا دلالة على صحته.

وإنما وَجَّه مَن وَجَّه ذلك إلى التقديم وهو مُؤخَّرٌ؛ لأنه لم يَعْرِفُ لتَعْذِيبِ اللَّهِ المنافقين بأموالهم وأولادهم في الحياة الدنيا، وَجْهَا يُوَجِّهه إليه، وقال: كيف يُعَذِّبُهم بذلك في الدنيا وهى (٣) لهم فيها سرورٌ؟ وذَهَب عنه تَوْجِيهُه إلى أنه مِن عظيم العذاب عليه، إلزامه ما أوجب الله عليه فيها من حقوقه وفَرائضه، إذ كان يُلْزِمُه ويُؤخَذُ منه، وهو به غيرُ طَيِّبِ النفس، ولا راجٍ به مِن اللَّهِ جَزاءً، ولا مِن الأَخْذِ منه حَمْدًا ولا شُكْرًا، على ضَجَرٍ منه وكُرْهٍ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "سلمان الأنضرى"، وفى م: "سلمان الأقصرى". والمثبت كما سيأتي في ص ٦٤٨ وينظر أيضًا تهذيب الكمال ١١/ ٣٥١.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٦/ ١٨١٣ من طريق أصبغ، عن ابن زيد وسيأتي بتمامه في تفسير الآية ١٠١ من سورة التوبة.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "هو".