دونَ الشمائلِ؛ لأن ضياءَ المؤمنين الذي يُؤْتَونه في الآخرةِ يُضِيءُ لهم جميعَ ما حولَهم، وفي خصوصِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه الخبرَ عن سعيِه بينَ أيديهم وبأيمانِهم دونَ الشمائلِ، ما يَدُلُّ على أنه معنيٌّ به غيرُ الضياءِ، وإن كانوا لا يَخْلُون من الضياءِ.
فتأويلُ الكلامِ إذ كان الأمرُ على ما وصَفنا: وكلًّا وعَد اللَّهُ الحسنى يومَ تَرَون المؤمنين والمؤمناتِ يَسْعى ثوابُ إيمانِهم وعملِهم الصالحِ بينَ أيديهم، وفي أيمانِهم كتبُ أعمالِهم تَطايرُ.
ويَعْني بقولِه: ﴿يَسْعَى﴾: يَمْضِي. والباءُ في قولِه: ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾. بمعنى "في"(١). وكان بعضُ نحويِّي البصرةِ يقولُ: الباءُ في قولِه: ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾: بمعنى على أيمانِهم. وقولُه: ﴿يَوْمَ تَرَى﴾. من صلةِ ﴿وَعَدَ﴾.
وقولُه: ﴿بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يقالُ لهم: بِشارتُكم اليومَ أيُّها المؤمنون التي تُبَشَّرون بها جناتٌ تَجْرِي من تحتِها الأنهارُ، فأَبْشِروا بها.
وقولُه: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾. يقولُ: ماكِثين في الجناتِ، لا يَنْتَقِلون عنها ولا يَتَحَوَّلون.
وقولُه: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. يقولُ: خلودُهم في الجناتِ التي وصَفها هو النُّجْحُ العظيمُ الذي كانوا يَطْلُبونه بعدَ النجاةِ من عقابِ اللَّهِ ودخولِ الجنةِ خالدين فيها.