للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هو الفوزُ العظيمُ في يومِ يقولُ المنافقون والمنافقاتُ - و"اليومُ" من صلةِ "الفوزِ" - للذين آمَنوا باللَّهِ ورسلِه: انظُرُونا.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿انْظُرُونَا﴾؛ فقرَأت ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ أهلِ الكوفةِ: ﴿انْظُرُونَا﴾. موصولةً، بمعنى: انتَظِرونا (١). وقرَأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ: (أنْظِرُونا). مقطوعةَ الألفِ من "أَنظَرتُ"، بمعنى: أَخِّرُونا (٢). وذكَر الفراءُ أن العربَ تقولُ: أَنْظُرْني. وهم يُرِيدون: انتظِرْني قليلًا. وأنشَد في ذلك بيتَ عمرِو بنِ كُلثومٍ (٣):

أبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا … وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا

قال: فمعنى هذا: انتَظِرْنا قليلًا نُخْبِرْك؛ لأنه ليس ههنا تأخيرٌ، إنما هو استماعٌ كقولِك للرجلِ: اسمَعْ (٤) مني حتى أُخْبِرَك (٥).

والصوابُ من القراءةِ في ذلك عندِي الوصلُ؛ لأن ذلك هو المعروفُ من كلامِ العربِ، إذا أُريد به: انتظِرْنا. وليس للتأخيرِ في هذا الموضعِ معنًى فيقالَ: أَنْظِرُونا. بفتحِ الألفِ وهمزِها.

وقولُه: ﴿نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ﴾. يقولُ: نَسْتَصْبِحْ من نورِكم. والقبَسُ: الشُّعْلةُ.


(١) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي. حجة القراءات ص ٦٩٩، ٧٠٠.
(٢) هي قراءة حمزة. المصدر السابق.
(٣) البيت في شرح القصائد السبع الطوال ص ٣٨٧.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "استمع".
(٥) معاني القرآن للفراء ٣/ ١٣٣.