للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾: اسْتَنَفَر اللهُ المؤمنين في لَهَبَانِ الحَرِّ في غزوة تبوكَ قِبَلَ الشام، على ما يعلمُ اللهُ مِن الجَهْدِ.

وقد زَعَم بعضُهم أن هذه الآية منسوخةٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الحسين، عن يزيد، عن عكرمة والحسن البصري، قالا: قال: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. وقال: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ﴾ إلى قوله: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٢١]. فنَسَخَتها الآيةُ التي تَلَتْها (١): ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ إلى قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (٢) [التوبة: ١٢٢].

قال أبو جعفر: ولا خبر بالذي قال عكرمة والحسنُ مِن نسخ حكم هذه الآية التي ذَكَرا (٣) يجب التسليم له، ولا حُجَّةَ باتٌّ (٤) بصحة ذلك، وقد رأى ثبوت الحكم بذلك عددٌ من الصحابة والتابعين سنذكُرُهم بعد. وجائزٌ أن يكون قوله: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾. لخاصٍّ من الناس، ويكون المراد به من اسْتَنفَرَه رسول الله فلم يَنْفِرْ، على ما ذكرنا من الرواية عن ابن عباسٍ.

وإذا كان ذلك كذلك، كان قوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا


(١) في ت ١، ت ٢، س، ف: "تليها".
(٢) ذكره النحاس في ناسخه ص ٥٠٣، وابن الجوزى في نواسخ القرآن ص ٣٦٥، وابن كثير في تفسيره ٤/ ٩٥، وأخرجه ابن الجوزى في النواسخ ص ٣٦٤، ٣٦٥ من طريق على بن الحسين عن أبيه عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس.
(٣) في م: "ذكروا"، وفى ت ٢: "ذكر أنه"، وفى ف: "ذكر".
(٤) في م: "تأتى".